استشعرت قريش الخطر بعد إسلام حمزة والفاروق. بمجرد أن أسلم عمر حتى خرج بشجاعته الخارقة إلى أهل مكة ليُعلمهم بالخبر، فيشتموه ويلعنوه، وبعضهم اشتبك معه، يضربهم ويضربونه، يقاتلهم ويقاتلونه حتى كادوا أن يقتلوه. يذهب لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، طالبا منه الظهور، قال: «ألسنا على الحق إن متنا أو حيينا، ففيم الاختفاء؟».
وبالفعل يستجيب له الرسول ويُخرج المؤمنين فى صفّين، حمزة على أحدهما وعمر على الآخر، حتى دخلوا المسجد الحرام وقريش تنظر إليهم يعلوهم الوجوم. قال عبد الله بن مسعود: «مازلنا أعزة منذ أسلم عمر».
واشتد مقت قريش لمحمد. كانت مصالحهم مهددة وسيادتهم على وشك الزوال. كانوا يفهمون أن عبارة التوحيد ليست كلمة يرددونها - كما نفعل نحن - بطرف اللسان. بحكم معرفتهم بمرامى لغتهم كانوا يفهمون أن «لا إله إلا الله» تعنى انخلاعا من الحول والقوة، وامتناعا عن المظالم والبغى، وإفراد الله بالكبرياء.
لذلك حين فشلت حربهم فى طمس نور الدعوة بدأت فكرة قتل محمد تنضج رويدا فى الأذهان. لم يكن غائبا عنهم أنه من قبيلة منيعة، وأن الموازين القبلية تُحتّم - إذا مسوه بسوء - أن تسيل أنهار الدماء. لكن الحقد كان يخنق النفوس، وبدأ الإيذاء يشتد، وظهرت نية القتل واضحة حين اجتمعوا عليه وجذبوا ثوبه فخنقوه خنقا شديدا، وأبوبكر يدفع عنه، يبكى ويقول: «أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله!».
..............
وكان أبوطالب يتدبر الحوادث، ويشم رائحة الخطر المقبل، ويحس أن قريش عازمة على قتل محمد، فقام فى أهل بيته من بنى هاشم وبنى المطلب وبنى عبد مناف، ودعاهم إلى منع محمد والقيام دونه فأجابوه إلى ذلك مسلمهم وكافرهم حمية للقبيلة، إلا ما كان من أبى لهب، فقد فارقهم وانضم لقريش.
وردت قريش على الحلف بحصرهم فى شعب أبى طالب، ومنعت عنهم التجارة والطعام. مرت أعوام الحصار الثلاثة ثقيلة، يتهدد الخطر محمداً فى كل ليلة، وأبوطالب يجعل أبناءه ينامون فى فراش محمد فداء له إذا حاول أحدهم اغتياله. كانت محبته لمحمد محبة الوالد المُشفق لولده النجيب، ولا عجب فهو الذى رباه وكفله يتيما بعد وفاة عبدالمطلب، ورد محمد الجميل له فضم عليّا لكفالته فجمعت بينهما المودة المضاعفة.
لذلك يمكننا أن نتخيل بسهولة حالة الرسول عند وفاة عمه، كان أبوطالب هو الحصن الذى تحتمى به الدعوة الوليدة من هجمات المشركين. بعد موته تجرأوا عليه وضاعفوا الأذى أضعافا عديدة، يقول الرسول: «ما نالت منى قريش شيئا أكرهه حتى مات أبوطالب»، وسمّاه عام الحزن.
وبعد كل هذا التفانى فى حماية الدعوة وحب الرسول يفرض السؤال نفسه: هل مات أبوطالب مؤمنا أم مشركا؟ وهل يجوز الاستغفار له؟ للإمام محمد أبى زهرة رأى فى هذه المسألة أعرضه يوم السبت إن شاء الله.
وبالفعل يستجيب له الرسول ويُخرج المؤمنين فى صفّين، حمزة على أحدهما وعمر على الآخر، حتى دخلوا المسجد الحرام وقريش تنظر إليهم يعلوهم الوجوم. قال عبد الله بن مسعود: «مازلنا أعزة منذ أسلم عمر».
واشتد مقت قريش لمحمد. كانت مصالحهم مهددة وسيادتهم على وشك الزوال. كانوا يفهمون أن عبارة التوحيد ليست كلمة يرددونها - كما نفعل نحن - بطرف اللسان. بحكم معرفتهم بمرامى لغتهم كانوا يفهمون أن «لا إله إلا الله» تعنى انخلاعا من الحول والقوة، وامتناعا عن المظالم والبغى، وإفراد الله بالكبرياء.
لذلك حين فشلت حربهم فى طمس نور الدعوة بدأت فكرة قتل محمد تنضج رويدا فى الأذهان. لم يكن غائبا عنهم أنه من قبيلة منيعة، وأن الموازين القبلية تُحتّم - إذا مسوه بسوء - أن تسيل أنهار الدماء. لكن الحقد كان يخنق النفوس، وبدأ الإيذاء يشتد، وظهرت نية القتل واضحة حين اجتمعوا عليه وجذبوا ثوبه فخنقوه خنقا شديدا، وأبوبكر يدفع عنه، يبكى ويقول: «أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله!».
..............
وكان أبوطالب يتدبر الحوادث، ويشم رائحة الخطر المقبل، ويحس أن قريش عازمة على قتل محمد، فقام فى أهل بيته من بنى هاشم وبنى المطلب وبنى عبد مناف، ودعاهم إلى منع محمد والقيام دونه فأجابوه إلى ذلك مسلمهم وكافرهم حمية للقبيلة، إلا ما كان من أبى لهب، فقد فارقهم وانضم لقريش.
وردت قريش على الحلف بحصرهم فى شعب أبى طالب، ومنعت عنهم التجارة والطعام. مرت أعوام الحصار الثلاثة ثقيلة، يتهدد الخطر محمداً فى كل ليلة، وأبوطالب يجعل أبناءه ينامون فى فراش محمد فداء له إذا حاول أحدهم اغتياله. كانت محبته لمحمد محبة الوالد المُشفق لولده النجيب، ولا عجب فهو الذى رباه وكفله يتيما بعد وفاة عبدالمطلب، ورد محمد الجميل له فضم عليّا لكفالته فجمعت بينهما المودة المضاعفة.
لذلك يمكننا أن نتخيل بسهولة حالة الرسول عند وفاة عمه، كان أبوطالب هو الحصن الذى تحتمى به الدعوة الوليدة من هجمات المشركين. بعد موته تجرأوا عليه وضاعفوا الأذى أضعافا عديدة، يقول الرسول: «ما نالت منى قريش شيئا أكرهه حتى مات أبوطالب»، وسمّاه عام الحزن.
وبعد كل هذا التفانى فى حماية الدعوة وحب الرسول يفرض السؤال نفسه: هل مات أبوطالب مؤمنا أم مشركا؟ وهل يجوز الاستغفار له؟ للإمام محمد أبى زهرة رأى فى هذه المسألة أعرضه يوم السبت إن شاء الله.